أكياس بلاستيكية

تستمر المنافسة بين الأكياس البلاستيكية والأكياس الورقية منذ عقود طويلة، ولا تزال المعركة قائمة حتى اليوم. فكل نوع منهما يتمتع بمزايا معينة وله أيضًا عيوب لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، ومع تصاعد الدعوات العالمية لحظر الأكياس البلاستيكية أو فرض الضرائب عليها، واتجاه الكثير من الدول والشركات نحو استخدام الأكياس الورقية، يبدو للوهلة الأولى أن الكفة تميل لصالح الورق. لكن الحقيقة ليست بهذه البساطة، فخلف الكواليس توجد عوامل بيئية واقتصادية مهمة قد تُغيّر وجهة النظر تمامًا.

الاعتقاد السائد أن الورق أكثر صداقة للبيئة من البلاستيك، لكن هل هذا صحيح بالفعل؟ لفهم الصورة كاملة، علينا أن نبدأ من البداية من مراحل التصنيع وحتى التخلص النهائي من الكيس بعد استخدامه لنتعرف على الأثر الحقيقي لكل خيار.

أكياس بلاستيكية مقابل أكياس ورقية: بداية دورة حياة الكيس

التصنيع

تمثل مرحلة التصنيع الخطوة الأولى في دورة حياة أي منتج، وهي أيضًا النقطة التي يتفوق فيها الكيس البلاستيكي على نظيره الورقي.
إنتاج الأكياس الورقية يحتاج إلى كميات ضخمة من الطاقة، تصل إلى أربعة أضعاف ما يُستهلك في تصنيع الأكياس البلاستيكية. فصناعة الورق تتطلب قطع الأشجار، وعمليات طحن معقدة تستهلك الكثير من الكهرباء والمياه، إلى جانب استخدام مواد كيميائية ضارة بالبيئة.

أما تصنيع الأكياس البلاستيكية، فرغم أنه يعتمد على البترول كمصدر أساسي، إلا أنه يُعد الأقل تأثيرًا بيئيًا مقارنة ببدائله. فعمليات الإنتاج تولّد انبعاثات كربونية أقل، ونفايات أقل، ومنتجات جانبية أقل ضررًا. وهذا يعني أن الأثر البيئي المباشر لتصنيع الأكياس البلاستيكية أخف من الأكياس الورقية في هذه المرحلة.

تقليل تكاليف التغليف

النقل

يتكرر تفوق البلاستيك أيضًا في مرحلة النقل.
فالأكياس الورقية أثقل من الأكياس البلاستيكية بما يقارب خمسة إلى سبعة أضعاف، ما يعني الحاجة إلى عدد أكبر من الشاحنات لنقل الكمية نفسها. وكلما زاد عدد الشاحنات، زادت الانبعاثات الناتجة عن عملية النقل، وبالتالي ارتفع مستوى التلوث الهوائي.

لذلك، من حيث التصنيع والنقل، لا شك أن الأكياس البلاستيكية تتفوق على الأكياس الورقية في تقليل الانبعاثات وتوفير الطاقة، على الأقل في المراحل الأولى من دورة الحياة. لكن المعركة لم تنته بعد، فما يحدث أثناء الاستخدام وبعده له تأثير حاسم أيضًا.

مرحلة الاستخدام: أيهما أفضل أكياس بلاستيكية مقابل أكياس ورقية؟

عند الحديث عن الاستخدام، يتفق الخبراء على قاعدة أساسية: كلما تمت إعادة استخدام الكيس مرات أكثر، كان أثره البيئي أقل.
وهنا نجد أن الأكياس البلاستيكية أكثر تحملًا للماء والتمزق، ما يجعلها قابلة للاستخدام المتكرر أكثر من الورقية. أما الأكياس الورقية، فهي معرضة للبلل والتمزق بسهولة، الأمر الذي يقلل من عمرها الافتراضي.

تشير الدراسات إلى أن الأكياس الورقية تحتاج إلى أن تُستخدم ثلاث مرات على الأقل لتعادل الأثر البيئي لكيس بلاستيكي واحد. ومع ذلك، تملك الأكياس الورقية ميزة أخرى، فهي قابلة لإعادة التدوير بسهولة ويمكن استخدامها بطرق مبتكرة في الحياة اليومية، مثل الحرف اليدوية أو التغليف المنزلي.

أنواع الأكياس الورقية واستخداماتها

تتنوع الأكياس الورقية في الأشكال والاستخدامات، وغالبًا ما تكون قابلة للتحلل الحيوي بالكامل، مما يمنحها ميزة بيئية قوية مقارنة بالبلاستيك. كما أن تعدد أنواعها يطيل من عمرها الوظيفي ويجعلها أكثر ملاءمة لأغراض مختلفة في التغليف البيئي.

من أبرز أنواع الأكياس الورقية:

  • أكياس SOS: وهي مقاومة للسوائل وتُستخدم عادة لتغليف الوجبات السريعة أو المأكولات الجاهزة، وتستوعب ضعف كمية الكيس البلاستيكي بنفس الحجم.
  • الأكياس المسطحة: النوع الأكثر شيوعًا، ويُستخدم لأغراض متعددة مثل تعبئة الفواكه أو الكتب.
  • أكياس التسوق الفاخرة: تُستخدم من قِبل العلامات التجارية في عالم الأزياء والموضة، وتتميز بمظهر أنيق يعكس هوية العلامة التجارية.
  • أكياس المخابز المبطنة بالشمع أو الورق الزجاجي: تُحافظ على نكهة وطراوة المنتجات الطازجة مثل الخبز والبسكويت والقهوة.
  • أكياس سكوتشبان: مصممة لتكون مقاومة للدهون، مما يمنع تسرب الزيوت من الأطعمة إلى الملابس أو الأسطح المحيطة.

ورغم كل هذه المزايا، إلا أن النقطة التي تتفوق فيها الأكياس الورقية بوضوح هي نهايتها البيئية. فعندما تنتهي دورة حياة الكيس الورقي، يمكن إعادة تدويره أو تحلله طبيعيًا خلال فترة قصيرة دون أن يترك خلفه أضرارًا طويلة الأمد على البيئة. أما الأكياس البلاستيكية، فعلى الرغم من خفتها وتكلفتها المنخفضة، إلا أنها قد تستغرق مئات السنين لتتحلل، ما يجعلها أحد أبرز مسببات التلوث البيئي في العالم.

أكياس فاخرة

التخلص من الأكياس: الفارق الحاسم

عندما نصل إلى نهاية دورة حياة الكيس، يظهر التفوق الواضح للأكياس الورقية.
فمن حيث التخلص وإعادة التدوير، تُعد الأكياس الورقية خيارًا أفضل بكثير من البلاستيكية. فهي قابلة للتحلل الحيوي بسهولة، ويمكن إعادة تدويرها بنسبة مرتفعة، كما أن تحللها في الطبيعة لا يتطلب وقتًا طويلًا. حتى في حال انتهى بها الأمر في البيئة الخارجية أو في مكبّات النفايات، فإن تأثيرها البيئي يكون محدودًا، لأنها تتحلل خلال أسابيع أو أشهر قليلة دون أن تترك وراءها أي ملوثات سامة.

أما الأكياس البلاستيكية، فالقصة مختلفة تمامًا. فعند التخلص منها بطريقة غير صحيحة وهو ما يحدث غالبًا تُسبب ضررًا بيئيًا بالغًا. فالبلاستيك قد يستغرق مئات السنين ليتحلل بالكامل، وفي كثير من الحالات ينتهي به المطاف في البحار والمحيطات، حيث يشكل خطرًا كبيرًا على الكائنات البحرية وبيئاتها الطبيعية.

تتسبب هذه الأكياس في اختناق أو نفوق العديد من الكائنات، مثل السلاحف والأسماك، التي تبتلعها ظنًا أنها طعام. ومع مرور الوقت، تتحلل الأكياس البلاستيكية إلى جزيئات صغيرة تُعرف باسم الميكروبلاستيك — وهي جزيئات دقيقة لا تُرى بالعين المجردة — لكن خطرها كبير.
فرغم أن العلماء لا يزالون يدرسون آثارها الدقيقة، فإن المؤشرات الحالية تشير إلى أن انتشار الميكروبلاستيك يشكل تهديدًا خطيرًا للنظم البيئية ولصحة الإنسان. فقد تم العثور على هذه الجزيئات في كل مكان: في أجسام الكائنات البحرية، وفي التربة الزراعية، بل وحتى في الهواء الذي نتنفسه.

أي الخيارين هو الأفضل؟

في الواقع، لا يمكن الحكم بشكل قاطع بأن أحد النوعين هو الأفضل في كل الجوانب. فكل من الأكياس البلاستيكية والأكياس الورقية له مزاياه وعيوبه.
الأكياس البلاستيكية تتفوق في مراحل التصنيع والنقل، إذ تحتاج إلى طاقة أقل وتُنتج انبعاثات أقل خلال عملية الإنتاج، كما أنها أخف وزنًا وأسهل في التخزين والنقل. لكنها تفشل فشلًا كبيرًا في مرحلة التخلص والنفايات، حيث تترك آثارًا بيئية طويلة الأمد يصعب معالجتها.

في المقابل، تتطلب الأكياس الورقية طاقة أكبر أثناء التصنيع وتستهلك موارد طبيعية مثل الأشجار والمياه، لكنها تتفوق في مراحل الاستخدام وإعادة التدوير، فهي قابلة للتحلل والتدوير بسهولة، ولا تلوث البيئة عند التخلص منها.

لذلك يمكن القول إن التوازن بين النوعين يعتمد إلى حد كبير على طريقة الاستخدام. فالاستخدام المسؤول هو العامل الحاسم في تقليل الأثر البيئي. فإذا تم استخدام الكيس البلاستيكي مرات عديدة، أو أعيد تدويره بشكل صحيح، يمكن تقليل أضراره إلى حد كبير. وبالمثل، فإن إعادة استخدام الأكياس الورقية أو تحويلها إلى منتجات جديدة قبل التخلص منها يجعلها خيارًا أكثر استدامة.

الخلاصة: الاستدامة تبدأ من المستهلك

في نهاية المطاف، ليست المسألة مجرد اختيار بين كيس بلاستيكي أو ورقي، بل في كيفية التعامل مع كل منهما. فالمفتاح الحقيقي هو إعادة الاستخدام والتدوير، وتبني عادات استهلاكية واعية تساهم في الحفاظ على البيئة.
سواء اخترت الأكياس البلاستيكية أو الأكياس الورقية، تذكّر أن إعادة الاستخدام المتكرر، وإعادة التدوير عند الإمكان، والتخلص المسؤول من النفايات هي ما يجعل خيارك أكثر توافقًا مع مفهوم التغليف البيئي المستدام.

التعليقات معطلة.